استنكرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدعوات التي صدرت عن قيادات رسمية فلسطينية، وعلى رأسهم رئيس السلطة للعودة إلى المفاوضات، مؤكدةً أنّها استمرارٌ لحالة التعدّي على القرارات الوطنية، وحالة الإجماع الرافضة للمفاوضات تحت أيّة صيغة كانت علنية أو غير علنية.
واعتبرت الجبهة، في تصريحٍ صحفيّ لها اليوم الأحد 21 أبريل، أن استمرار السلطة بالنفخ في قِربَة مثقوبة، وهو ما يتمثّل في نهجها التسوَوِي المدمّر، واستسهال هذه التصريحات الخطيرة للعودة إلى لمفاوضات في ظلّ هذا الواقع المعقد الذي تعيشه قضيتنا والهجمة الصهيوأمريكية على حقوقنا، يُمثل استهتارًا بخطورة الأوضاع وجدية مشاريع التصفية التي تستهدفنا، ما يطرح علامات استفهام حول جدّيتها في مواجهة صفقة القرن، فرغبتها في العودة للمفاوضات يعني أنّها تساهم في إضعاف المناعة الوطنية التي تتصدى لصفقة القرن ولجرائم الاحتلال.
وشدّدت الجبهة على أنّ المطلوب من قيادة السلطة إحالة القرارات الوطنية، بسحب الاعتراف بالكيان والقطع مع أوسلو ووقف التنسيق الأمني والمفاوضات، إلى التنفيذ الفوري، والعمل على نقل ملف القضية إلى الأمم المتحدة لتنفيذ القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية باعتباره أحد البدائل عن الاستمرار في سياسة المراوحة بهذا النهج المدمّر، الذي تسبب بكارثة وطنية على كل المستويات، ومهّد البيئة للانقسام، ولتوسيع الاحتلال عدوانَه وجرائمه ومخططاته.
وشددت الجبهة على أنّ شعبنا اليوم سيقف ضد هذا النهج المدمّر ليحمي قضيته الوطنية من خطر التصفية الجارية على قدمٍ وساقٍ، فنهج المقامرة على حقوق شعبنا عبر ما يُسمى "المفاوضات"، المدعوم من النظام العربي الرجعي، سقط بلا رجعة أمام حالة إجماع شعبنا الرافضة لهذا النهج ولكل أشكال التسوية والتطبيع.
وأكدت الجبهة على أنّ الأولوية الآن للوحدة الوطنية وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وليس المزيد من العبث بمصالح وحقوق شعبنا، داعية إلى تنظيم كتلة شعبية فلسطينية وازنة لمواجهة نهج التخريب والتفرد الذي أفرزته أوسلو.
أعلن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، استعداد الرئيس محمود عباس للقاء رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو "دون شروط مسبقة، في حال عقد اللقاء في العاصمة الروسية موسكو".
وفي تصريحاتٍ صحفية أدلى بها المالكي، مساء الاثنين 15 أبريل، قال "أكّدنا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعدادنا ورغبتنا في أي وقت، عندما يرى أن هناك استعدادًا من الجانب الإسرائيلي، سنكون أكثر من مستعدين لإجراء محادثات مع نتنياهو، دون أيّة شروط، طالما أن الدعوة تأتي من الرئيس بوتين، وهو ما يهيّئ أفضل الظروف لعقد اللقاء، ويُعزز فرص نجاحه".
وخلال حديثه، أشار المالكي إلى أنّ "الحكومة الفلسطينية لا ترى أي آفاق لهذا الاجتماع في المستقبل القريب، بأي حال من الأحوال".
وكانت روسيا دعت مرارًا، خلال العامين الأخيريْن، لعودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي"، التي توقفت منذ حزيران 2014. وبادرت في العام 2016 بالدعوة لعقد قمة بين عباس ونتنياهو تستضيفها موسكو، للمساعدة في استئناف ما يُسمّى "مفاوضات السلام".
وفي تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في أكتوبر 2018، اتّهم الجانب "الإسرائيلي" بالتنصّل المستمر من عقد مثل هذا اللقاء، لأكثر من عامين، رغم أنّ فكرة عقد اللقاء الثنائي المباشر، دون شروط وبدون رعاية أية طرف، كان منذ البداية اقتراحًا "إسرائيليًا"، ووافقت عليه موسكو، وأقنعت به الرئيس عباس، لكن ومنذ 2016 تتنصل "إسرائيل" من الاجتماع.
تبقى الإشارة إلى أنّه، وفي الوقت الذي يُواصل فيه الرئيس محمود عباس، التمسّك والرهان على نهج المفاوضات مع كيان الاحتلال، واستجدائه لقاء رأسه، نتنياهو، يُواصل العدو الصهيوني إجرامه بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، بل ويُجّدد تعطّشه لسفك المزيد من الدم الفلسطيني، ومعه مخططات الاستيطان والتهويد، مع تجديده حكومته اليمنية.
كما لا يزال الرئيس الفلسطيني يتحدّث عن "فُرص السلام" ويُواصل الرّهان على نهج المفاوضات، رغم عديد المطالبات الفصائية والشعبية، التي لا تتوقف، بالكفّ والقطع مع هذا النهج، الذي أثبتت التجربة الوطنية والتاريخية عقمه وفشله، بتكلفة باهظة الثمن، دفعها الشعب الفلسطيني من دمه وأرضه ومقدّساته. سيّما مع عدوٍ لا يعترف بأيّة حقوقٍ فلسطينية ويتعامى عن كلّ القوانين والنصوص الدولية ذات العلاقة بها.